الفسخ والبطلان في ضوء القانون المدني

العقد الباطل هو دراسة للوجه السلبي للعقد الصحيح ، وبحثه لا يعدو ان يكون تحصيلا لنتائج عدم توافر اركانه وشروطه ، وقد اخذت نظرية بطلان العقود حيزا كبيرا من الدراسات القانونية ، انصبت بشكل جوهري على بحث درجات البطلان حيث ظهرت بصدد ذلك نظريتان ؛ نظرية تقليدية بتوجهين ، اولهما : يقسم العقد الباطل الى مطلق ونسبي ، وثانيهما : يقسم العقد الباطل الى منعدم ومطلق ونسبي ؛ وأما النظرية الحديثة في البطلان فعرفت هي الاخرى وجهات نظر مختلفة ، يمكن حصرها في ثلاثة اراء تقسيم البطلان الى درجتين مع اعتماد معيار المصلحة كضابط لهذا التقسيم .

فالبطلان هو جزاء مدني يطال العقد بسبب تخلف ركن من أركانه او إختلال شرط من شروطه ( صدور الرضا من غير مميز – المحل والسبب غير ممكنين او غير قابلين للتعيين او غير مشروعين ) 

وعليه يترتب على البطلان زوال العقد بأثر رجعي لتخلف شرط من شروط اركانه وهي الرضا ، المحل والسبب والشكل في العقود الشكلية وهذا هو العقد الباطل ، أما العقد القابل للإبطال هو ذلك الذي تخلف فيه شرطا من شروط صحته مثل الاهلية وسلامة الرضا من العيوب وهي الغلط ، التدليس ، الإكراه والإستغلال . 

ويعد العقد باطلا إذا كان مخالفا للنظام العام والاداب العامة ، وهو عقد ليس له اي وجود قانوني او أثر بالنسبة للمتعاقدين ولا حتى الغير ، فهو والعدم سواء ، يثيره كل من له مصلحة ، كما يثيره القاضي من تلقاء نفسه .

أما الفسخ فمن الثابت أنه في العقود الملزمة للجانبين ، إذا لم يوف أحد المتعاقدين بإلتزامه ، جاز للمتعاقد الاخر أن يطالب بتنفيذ العقد او بفسخه . 

وعلى ذلك ، فإن الفسخ يتضمن معنى الجزاء بالنسبة للمتعاقد المخل بتنفيذ التزامه ، لما يرتبه من هدم العقد في مرحلة تنفيذه ، وحل الرابطة العقدية التي ابرمت على نحو صحيح مستجمعة أركانها وشرائط صحتها .

ويقوم الفسخ على اساس فكرة الارتباط بين الالتزامات المتقابلة في العقود الملزمة للجانبين ، إذ تقتضي طبيعة هذه العقود ان يكون التزام احد المتعاقدين مرتبطا بإلتزام المتعاقد الاخر ، ومن ثم فمن العدالة أنه إذا لم ينفذ أحد العاقدين التزامه ، جاز للمتعاقد الاخر ان يتحلل مما في ذمته من التزام عن طريق فسخ العقد.

والفسخ لا يكون إلا بحكم قضائي او بإتفاق . فالاصل ان الفسخ لا يقع إلا بحكم القضاء ، وهذا هو الفسخ القضائي ، وتنظمه المادة183 / مدني ، ولكن قد يتفق المتعاقدان بشرط في العقد على أن يعتبر العقد مفسوخا من تلقاء نفسه إذا لم يقم احدهما بتنفيذ التزامه ، وهذا هو الفسخ الاتفاقي ، وفقا للمادة 184/ مدني .

فالفسخ هو جزاء عدم تنفيذ العقد ، وإن القانون يفرض على المتعاقدين الالتزام بما تضمنه العقد ولكن أجاز لاحد المتعاقدين ان يتحلل من التزاماته الملقاة على عاتقه ، إذا ما أخل المتعاقد معه بإحدى الالتزامات المقابلة عن طريق نظام الفسخ متى توافرت شروطه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

This site is registered on wpml.org as a development site. Switch to a production site key to remove this banner.